وفي دول الخليج، تلعب تركيا دوراً مهماً في نهضة العراق

وفي دول الخليج، تلعب تركيا دوراً مهماً في نهضة العراق

واتفق العراق وتركيا على تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية بعد زيارة أردوغان الأخيرة لبغداد. (رويترز)

على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، تحول مركز الثقل في الشرق الأوسط إلى الخليج العربي حيث بدأت دول الخليج في لعب أدوار أكثر نشاطا في المنطقة، مقارنة بالنفوذ الجيوسياسي لدول مثل العراق وسوريا ومصر. رفض. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة تؤكد من جديد أهمية بعض هذه البلدان في السياسة الإقليمية، مع عودة العراق على وجه الخصوص إلى الظهور كلاعب مهم.

وبعد عقود من الصراع، يحاول العراق وضع نفسه كلاعب إقليمي ليس فقط في التوسط في النزاعات ولكن أيضًا في تسهيل التكامل والتعاون الاقتصادي. على سبيل المثال، لعب العراق، وهو معقل للمنافسة بين الجهات الفاعلة الإقليمية، دوراً رئيسياً في توسط الصين في الصفقة السعودية الإيرانية العام الماضي. وتحاول الحكومة العراقية الآن استخدام علاقاتها مع تركيا ودول الخليج والغرب لتحويل وضع البلاد كضحية للتدخل الأجنبي إلى منصة للتعاون. ولم تتجاهل تركيا ودول الخليج ذلك.

قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة طال انتظارها إلى العراق المجاور يوم الاثنين، وهي الأولى له منذ عام 2011 برفقة حاشية كبيرة. وجاءت الزيارة في مرحلة حاسمة وأدت إلى تفاهم متبادل بين الجانبين، حيث تم التوقيع على 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات.

وكان من أبرز النتائج الملموسة التوقيع على مذكرة تفاهم رباعية للتعاون المشترك في مشروع الطريق التنموي بين تركيا والعراق وقطر والإمارات العربية المتحدة. ويهدف المشروع الذي تبلغ قيمته 17 مليار دولار إلى إنشاء بنية تحتية للطرق والسكك الحديدية تربط الخليج بتركيا عبر العراق، مما يسهل النقل والتجارة عبر موقع العراق الجغرافي وحدوده المتعددة. ومن المقرر تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى بحلول عام 2028، والثانية بحلول عام 2033، والثالثة بحلول عام 2050.

وقد يكون غياب إيران عن هذه الصورة إشارة إلى رغبة العراق في الخروج من الظل الإيراني.

سينم جنكيز

وإذا حقق مشروع طريق التنمية هدفه المتمثل في الوصول إلى الحدود التركية العراقية من خلال الجهود المشتركة بين البلدين، فإنه لديه القدرة على الدخول في حقبة جديدة من التعاون الاقتصادي. ومن شأن مثل هذا النصر أن ينزع فتيل الصراعات القائمة ويدفع أنقرة وبغداد إلى استكشاف طرق بديلة لبعضهما البعض. كما سيثبت أن النزاعات السياسية يمكن حلها من خلال المبادرات الاقتصادية والتنموية. وتتعاون أنقرة وبغداد بشكل وثيق في المشروع منذ بعض الوقت، مع كون مشاركة البلدين من الناحية المالية أحد الاعتبارات الرئيسية. ومشاركة قطر والإمارات العربية المتحدة تعالج هذا القلق.

إن الجهود الاستباقية التي تبذلها واشنطن لربط بغداد أقرب إلى مدار الخليج في محاولة للحد من نفوذ إيران ترجع إلى انخراط دول الخليج مع العراق وتورط تركيا في العراق. وعندما أعلنت بغداد عن مشروع الطريق التنموي، عقدت مؤتمرا لمدة يوم واحد ضم وزراء من دول مجلس التعاون الخليجي (تركيا وإيران وسوريا والأردن) لمناقشة المبادرة. وقد يكون غياب إيران عن الصورة إشارة إلى رغبة العراق في الخروج من الظل الإيراني.

وفي الوقت نفسه، تحرص قطر على إقامة علاقات اقتصادية مباشرة مع تركيا. وأبدت الدوحة اهتماما بتوسيع استثماراتها في العراق. وبدأ الالتزام بتعهد أولي بنحو 10 مليارات دولار مخصصة لمشاريع البنية التحتية والخدمات.

أما الإمارات، فيهدف العراق إلى الاستعانة بخبرات الشركات الإماراتية في إدارة الموانئ الكبرى. وقد اختارت الإمارات العربية المتحدة مساعدة العراق، وخاصة في تمويل المشروع، لسببين رئيسيين: دعم فك ارتباط العراق بإيران والمشاركة في مبادرة إقليمية تتماشى مع رؤيتها الأوسع للتنمية.

ومع ذلك، يتعين على كلا البلدين الخليجيين حماية استثماراتهما من المشهد السياسي العراقي الذي لا يمكن التنبؤ به. وهي تبذل جهداً استراتيجياً متواصلاً لتحويل العراق إلى منطقة نفوذ.

والجدير بالذكر أنه إلى جانب المساعدة في تخفيف التوترات بين الرياض وطهران، قام العراق أيضًا بتسهيل عقد اجتماع بين القادة القطريين والإماراتيين بعد سنوات من التوتر بين البلدين. وبالتالي، فإن مشروع البنية التحتية لن يؤدي فقط إلى تحسين العلاقات التركية العراقية وعلاقات أنقرة مع العالم العربي بشكل عام، بل سيعزز أيضًا التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي مع توسيع دول الخليج لوجودها في العراق. ومن شأن التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي أن يوفر عمقاً استراتيجياً لدول الخليج في العراق، مما يجعل استثماراتها أكثر مرونة في مواجهة الضغوط الخارجية والداخلية.

تحتاج الإمارات العربية المتحدة وقطر إلى حماية استثماراتهما من المشهد السياسي العراقي الذي لا يمكن التنبؤ به.

سينم جنكيز

ومع ذلك، وفي حين أن طريق التنمية من شأنه أن يحسن علاقات العراق مع تركيا ويفيد دول الخليج المعنية، إلا أنه من شأنه أن يزيد من تعقيد الخلافات الاقتصادية والسياسية الحالية بين الكويت والعراق. ومع ذلك، وفي ضوء هذه الاختلافات، فإن الحوار السياسي الصحي أمر ضروري لنجاح تنفيذ المشروع.

وهنا، تعتبر أدوار تركيا نفسها ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مهمة. ورغم الحذر، فإن الاقتراح قد يدفع بغداد للدخول في مفاوضات مع الكويت لحل النزاع البحري. ومثل هذه المناقشات ستفيد كلا الطرفين، وتعزز التعاون في جهودهما التنموية وتخفف التوترات.

هناك عامل آخر يلقي بظلال من الشك على جدوى طريق التنمية، وهو وجود العديد من مبادرات الاتصال الإقليمية المتنافسة، مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. ومع ذلك، لا شك أن المنطقة يمكن أن تستوعب أكثر من ممر اقتصادي واحد. إنها ليست لعبة محصلتها صفر.

وفي المشهد الإقليمي المتطور اليوم، لعبت دول الخليج دوراً مهماً في تسهيل عودة ظهور العراق في السياسة الإقليمية. وتشير المبادرات الاقتصادية مثل خطة طريق التنمية إلى تحول نحو التعاون والتكامل الإقليمي، مع وضع القضايا الخلافية جانبا. وعلى الرغم من التحديات والأجندات المتنافسة، فإن التعاون بين أصحاب المصلحة، بما في ذلك تركيا ودول الخليج، يَعِد بمنطقة أكثر ازدهارا وترابطا.

  • سينم جنكيز محللة سياسية تركية متخصصة في علاقات تركيا مع الشرق الأوسط. عاشرا: @SinemCngz

إخلاء المسؤولية: الآراء التي عبر عنها الكتاب في هذا القسم خاصة بهم ولا تعكس بالضرورة آراء عرب نيوز.

READ  الكويت هي أغنى 17 دولة في العالم. الثالثة عربيا - التوقيت العربي

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here